سفر طوبيا والفرضية الوثائقية
(نظرية المصادر)
يعتبر سفر طوبيا من النصوص القوية ضد الفرضية الوثائقية..
كاتب السفر غير محدد بدقة فربما اشترك طوبيت مع ابنه طوبيا مع أحد أبناء طوبيا اللاحقين..
بالتأكيد عائلة طوبيت هي من كتبت السفر وذلك يرجع لقول الملاك لهم بكتابة السفر.
“والآنَ أرجِعُ إلى مَنْ أرسَلَني، وأنتُم فاَكتُبوا كُلَ هذِهِ الأحداثِ التي جرَت”. (طوبيا 12: 20).
وأيضا هناك نصوص أخرى داخل السفر مثل:
“وهذا نشيدُ الفَرحِ الذي كتبَهُ طوبيتُ (طوبيا 13: 1)”.
ويكمل الاصحاح الثالث عشر بذكر ذلك النشيد:
ربما التقسيم الأرجح هو التالي: ان كل من طوبيت وطوبيا، كل منهم ذكر الجزء الخاص به من القصة وقام طوبيت بجمعهم وذكر موت طوبيا.
ثم تلك الآيات الأخيرة:
“وماتَ طوبيّا في أحمتا بماداي عَنْ عُمرٍ يُناهِزُ المِئةَ والسَّابِعةَ والعِشرينَ سنةً. 15 وقَبلَ موتِهِ سَمِعَ بخَرابِ نينوى على يَدِ نَبوخَذنَصَّرَ وأحشويرشَ، فاَبتَهجَ وحَمَدَ الله لأنَّهُ رأى بعينهِ خَرابَ نينوى. (طوبيا 14: 14-15)”
ربما كتبهم أحد أبناء طوبيت او أحد الكُتاب الموحى إليهم لذكر خواتم القصة مثلما فعل يشوع وذكر موت موسى في نهاية سفر التثنية.
من اين عرفنا بذلك السفر:
1. الترجمة السبعينية.
2. الفولجاتا.
3. نصوص قمران وهو في المخطوطات الأتية:
على أي حال نحن امام احداث وقعت في بداية السبى الآشوري للمملكة الشمالية وهي مملكة اسرائيل.. وما يهمنا في بحثنا هذا الجزء الأول من النص حتى نشيد طوبيا..
سوف نذكر الآن بعض النصوص معلقين عليها.
سلَكَ طوبيتُ طَريقَ الحَقٌ والعَدلِ كُلَ أيّامِ حياتِهِ، فكانَ كثيرَ الإحسانِ إلى بَني قومِهِ الذينَ جاؤُوا معَهُ إلى مدينةِ نينوى في أرضِ الأشُّوريِّينَ. 4 وحينَ كانَ في بلادِهِ أرضِ إِسرائيلَ، وهوَ بَعدُ فتًى، هجَرَ سِبْطُ نَفتالي بِمَنْ فيهِم عَشيرتُهُ أُورُشليمُ التي أجمَعَت أسباطُ إِسرائيلَ على اَختيارِها مدينةً مُقدَّسةً للعِبادةِ وتَقديمِ الذَّبائحِ في الهَيكلِ الذي بُني وكُرِّسَ للعلي إلى مدَى الأجيالِ. 5 وكانَ جميعُ الذينَ هَجروا مدينةَ أُورُشليمَ ومِنهُم سِبْطُ نَفتالي الذي يَنتسِبُ إليهِ طوبيتُ يُقدِّمونَ الذَّبائحَ لِعجلِ الإلهِ بَعلَ (طوبيا 1: 3-5).
هنا يتحدث السفر عن زمن طوبيت، كان طوبيت أحد سكان مملكة إسرائيل الشمالية الذين تم سبيهم الى نينوى عاصمة مملكة الاشوريين ويؤكد على ذلك مجددا في موضع أخر:
ولمَّا صارَ طوبيتُ رجُلاً تزوَّجَ اَمرأةً مِنْ عَشيرتِهِ اَسمُها حنَّةُ، فولَدت لَه إِبنًا سمَّاهُ طوبيّا. 10 ولمَّا سُبيَ معَ اَمرأتِهِ واَبنِهِ إلى مدينةِ نينوى، كانَ جميعُ إخوتِهِ وأنسبائِهِ يأكلونَ مِنْ أطعِمةِ الأمَمِ الغريبةِ (طوبيا 1 :9-10).
فنحن هنا نتحدث عن طوبيت انه قضى عشرات السنين في مملكة إسرائيل فالسؤال الهام هنا: هل كانت شريعة موسى معروفة وموجودة آنذاك ام انها كتبت لاحقا بعد السبى على حسب الفرضية الوثائقية؟
من النصوص التالية يمكننا ان نتأكد بلا شك ان شريعة موسى كانت معروفة قبل السبى:
ولكنَّ طوبيتَ وحدَهُ كانَ يذهبُ إلى أُورُشليمَ في الأعيادِ التي كانَت فريضةً أبديَّةً على شَعبِ إِسرائيلَ ويُقدِّمُ غلَّتَهُ وأعشارَ غنَمِهِ مِمَّا جُزَ صوفُهُ لأوَّلِ مَرَّةٍ. 7 وكانَ يُقدِّمُها إلى المذبَحِ على أيدي كهَنَةِ بَني هرونَ وكانَ يَهَبُ القِسمَ الأوَّل مِمَّا تَبقَّى مِنْ غلَّتِهِ إلى بَني لاوي الذينَ يَخدُمونَ الرّبَ في أُورُشليمَ، ويَبيعُ القِسمَ الثانيَ ويذهبُ إلى أُورُشليمَ لِيُنفِقَه هُناكَ، 8 ويَتصدَّقُ بِالقسمِ الثَّالثِ على المُحتاجينَ بحسَبِ وصيَّةِ دبُّورةَ جدَّتِهِ لأبيهِ الذي ماتَ وتركَهُ يَتيمًا. (طوبيا 1 :6-8)
وليس طوبيت وحده يشهد بذلك بل ايضاً قول الملاك روفائيل:
قالَ الملاكُ لطوبيّا سنَنزِلُ اليومَ يا أخي عِندَ رعوئيلَ نَسيبِكَ فلَهُ بنتٌ وحيدةٌ اَسمُها سارةُ 12 سأطلُبُها زوجةً لكَ مِنْ أبيها، فأنتَ أحقُّ مِنْ غَيرِكَ في الزَّواجِ بِها لأنَّكَ أقربُ أنسبائِها إليها ولأنَّها جميلةٌ وفهيمةٌ 13 فاَسمعْ منِّي ودَعني أكلِّمُ أباها بالأمرِ وعِندَ عَودتِنا مِنْ راجيسَ نَعقدُ زواجَكَ علَيها، فأنا أعلمُ أنَّ رعوئيلَ لا يَقدِرُ أنْ يزوِّجَها لأحدٍ سِواكَ حسَبَ شريعةِ موسى لأنَّهُ يُعاقَبُ بالموتِ لأنَّكَ أنتَ أحَقُّ النَّاسِ بِها. (طوبيا 6 :11-13)
ليس طوبيت والملاك وحدهما ولكن أيضا رعوئيل الساكن بعيدا عن طوبيا في مكان أخر وهذا يعنى ان شريعة موسى كانت معروفة لكل بنى إسرائيل.
فقالَ لَه رعوئيلُ خُذها لكَ زوجةً مُنذُ الآنَ بحسَبِ الشَّريعةِ، لأنَّكَ أقربُ أقربائِها، والله الرَّحيمُ يوفِّقُكَ في كُلٌ شيءٍ. 13 ودعا اَبنتَهُ سارةَ وأمسَك بيَدِها وزوَّجَها إلى طوبيّا، وقالَ لَه لتكُنْ لكَ زَوجةً بحسَبِ شريعةِ موسى، فَخُذها إلى بَيتِ أبيكَ. وباركَهُما (طوبيا 7 :12-13)
مما سبق يمكننا ان نكتشف المزيد حول الفرضية الوثائقية وكيف انها لا تمتلك أي قوة امام بعض من الفحص لما بين أيدينا من مصادر داخلية وخارجية تدعم وتؤكد بشدة كتابة موسى لأسفار التوراة.
وهنا رأينا سفر طوبيا أحد الاسفار القانونية الثانية المقبول كسفر قانونى موحى به في الكنائس الكاثوليكية والارثوذكسية، وعلى اية حال وان لم يُقبل في كل الكنائس فلا يوجد خلاف على انه سفر غير منحول أي انه ليس مزورا.