نظرة سريعة على موضوع شهادات النساء وروايات القبر الفارغ – داريل إل بوك

 

نظرة سريعة على موضوع شهادات النساء وروايات القبر الفارغ – داريل إل بوك



مقدمة

كثيرا ما يقال أن النساء لا يمكن أن يكونن شهودا في العالم اليهودي القديم. تنطبق هذه النقطة على روايات القبر الفارغ الخاصة بالقيامة وحدث البشارة المرتبط بها. حيث يكون الادعاء هو أن "هذه الروايات ليست مُلفّقة". لن يختار المرء أن يكون شهوده لحدث مثير للجدل عبارة مجموعة لا تعتبر ثقافيًا شهودًا من الأساس. حيث أن إحدى العقبات الثقافية الصعبة متمثلة في (القيامة الجسديّة) لا ينبغي أن تكون ركيزتها الداعمة عبارة عن عقبة ثقافية أخرى (النساء كشاهدات) في معركة للدفاع عن مصداقية شيء ما. وبالتالي فالنساء موجودات في القصة لأنهن كن جزءاً من الحدث الأصلي. لقد كان هذا الاستخدام لمعيار الإحراج حجة مهمة في إثبات وجود قبر فارغ وحدث ملموس وراء ادعاءات القيامة.[1]

إن حجة النساء باعتبارهن "غير صالحات كشهود" تحتاج إلى نظرة فاحصة. من خلال فحص النصوص القديمة بعناية، سعى روبرت ماكيني إلى تأهيل هذه الحجة، معتبرًا أن هناك حالات قليلة سُمح فيها للنساء بالشهادة.[2] لذا فإن النظر إلى طبيعة مثل هذه الادعاءات وتواريخ تلك المصادر يحتاج إلى اهتمام. حيث يُثار التساؤل عما إذا كانت حجة الشهادة الرئيسية هذه صحيحة أم أنها تحتاج إلى تحسين.

النساء كشاهدات

الأسئلة العادلة التي يجب طرحها في مناقشة حول الشهود هي نوع الشاهد الذي لدينا وكيف يُنظر إلى النساء للقيام بهذا الدور. هناك شهادة رسمية في المواقف القانونية المرتبطة بأشياء مثل القسم. هناك أيضًا شهادة عامة وأوسع حول الأحداث. والسؤال الذي يجب متابعته هو كيف رأت الثقافة مثل هذه الشهادة العامة.

لا يوجد نص صريح بشأن قيام المرأة بتقديم أو عدم تقديم الأدلة القانونية في أسفار موسى الخمسة. ربما يكون أفضل رؤية لهذا المنظور هو أنه كان مطلوبًا عشرة رجال لتشكيل الكنيس. ويشير هذا بطبيعته إلى أن وجود المرأة لا يهم في الشؤون الاجتماعية الأكبر. وهذا يتناسب مع الطابع البطريركي/الذكوري العام للمجتمع اليهودي القديم. وقد تكون المرأة قادرة على إثبات شهادة الرجل، ولكن في معظم الحالات لا تُعتد بهذه الشهادة عندما تُقدَّم بمُفردها. على سبيل المثال، يشير تثنية 21: 18-21.[3] و22: 13-21.[4] إلى نفس النتيجة. في المثال الأول، يجب على كلا الوالدين أن يشهدا بشأن الابن المُعانِد. وفي الحالة الثانية، يمكن للوالدين تقديم أدلة للدفاع عن عذرية ابنتهما من خلال إحضار علامات العذرية، مثل الملابس أو الفراش المُلطخ بالدماء.[5]

وبحلول الوقت الذي وصلنا فيه إلى الرابيين اليهود، كان الحظر المفروض على شهادة النساء قويًّا. ولا يجوز للمرأة أن تحلف. يعلن m. Šebuoth 4.1  أن "قَسَم الشهادة ينطبق على الرجال وليس على النساء". نص مشناهي آخر، Rosh haShana 1.8، يقول: "لا يوجد دليل بمقدور المرأة أن تجلبه.". عدم وجود قائمة للنساء في m. Sanhedrin 3.4 كأقارب يمكنهم أن يكونوا شهودًا يفترض أن النساء ليس لهن شأن في هذا الأمر. فقط نص لاحق بكثير،Sifre Deut 190 ، يشير إلى أن "البعض" يعتبر المرأة مؤهلة للشهادة. لكن طريقة الاستشهاد بهذا الرأي تعني أن "المعظم" رفضه. في الواقع، يقرأ جزء من هذا النص على النحو التالي،

هل يمكن القول أن المرأة يمكن أن تكون مؤهلة للشهادة أيضاً؟ ورد هنا "شاهدان (شناي shnei)" (تث 19: 15)، و"شاهدان (شناييم shnayim)" (تث 17: 6) مذكورة في مكان آخر. وكما أن المذكورين هنا يختصان بالشهود الذكور دون النساء، كذلك فإن الشنايم shnayim المذكور في موضع آخر يختص بالشهود الذكور دون النساء.[6]

ويؤكد المقطع نفسه أيضًا أن سفر التثنية 19 يشير إلى الرجال. ويشير التلمود اللاحق إلى نفس النقطة في Baba Qamma 88a ، حيث يقرأ: "المرأة... غير مؤهلة للإدلاء بالشهادة". يشرح يوسيفوس في كتابه الآثار Antiquities 4. 219 أنه لا يجوز السماح بشهادة المرأة بسبب "طيش ووقاحة جنسها". والفكرة هي أن النساء يفتقرن إلى جوهر الشخصية الجادة التي يتطلبها الشاهد. في البيئات اليهودية القديمة، يُنظر إلى النساء من منظور محدود للغاية، ومختلف تمامًا عن وجهات النظر الحديثة. يعد هذا نصًا ثقافيًا قديمًا مهمًا يوضح مدى مفاجأة ظهورهن كلاعبين رئيسيين في قصة القبر الفارغ.

بعض النصوص التي تصور الأحداث لها أيضًا أهمية. يحكي سفر سوسنة book of Susanna قصة امرأة متهمة بالزنا. يوجد نسختان. في كل منهما، تدافع عن براءتها بطريقة توحي بأنها تناشد الله. في النسخة الأولى من السبعينية LXX، تنظر إلى الأعلى وهي تلجأ مباشرة إلى الله، لأنها لا تشهد لصالح حالتها. في نسخة ثيودوتيون، تحفظ "هذه المُناشدة لله" حتى تأتي الشهادة ضدها من الشيوخ والقضاة. وهنا تصرخ بصوت عالٍ (إلى الله) وتقول مباشرة أن شهادتهم كاذبة. فقط استجواب دانيال المُدمِّر ينقذها، حيث يفضح شهادتهم الزور. ويوجد دانيال في الرواية كشيخ مساوٍ لمكانة متهميها. لم تشهد سوسنة أبدًا، ولم يُطلب منها ذلك. وملجأها الوحيد هو اللجوء إلى الله. وتصور هذه القضية حقيقة الوضع الثقافي المحدود للمرأة. هناك جدل حول ما إذا كان هذا لمجرد كونها امرأة أم بسبب الشك في الشهادة الذاتية بشكل عام.

على مستويات النخبة، قد تكون هناك استثناءات. يشير يوسيفوس إلى بعض هذه الأمثلة في الآثار 15. 82–84 (مع القَسَم)، 16. 213–19، 16. 328–31، و17. 121. ومع ذلك، في أحد الأمثلة، يكشف يوسيفوس الجانب عن الموقف. ويقول إن والدة أنتيباتر «ثرثرت كامرأة» (17، 121). وفي جميع الأحوال، فإن القضايا التي تتعلق بالرجل كمبادئ هي التي يتم تناولها.

يُظهر المشناه أيضًا أن هناك بعض الأمثلة المحدودة للسماح للمرأة بالشهادة. وتشمل هذه حالات الطعن في العذرية (m. Ket 1.6– 7)، والشهادة على موت رجل (m. Yeb 15.1–2)، وبعض قضايا الملكية (m. Ket 9.4). وحتى مع هذا الاستخدام المحدود، تظل النقطة المهمة هي أن النساء كن في أفضل الأحوال شهودًا من الدرجة الثانية. لا يمكنك الذهاب إليهن للحصول على المساعدة في اتخاذ قرار بشأن مسألة ما لم يكن ذلك مطلوبًا بشكل حتمي.

تطبيق هذا على مشهد القبر الفارغ

فماذا نقول عن مشهد القبر الفارغ؟ وتبرز النقطة التالية: على الرغم من أنه من الخطأ الادعاء بأنه لم يُسمح للنساء مطلقًا بالشهادة، إلا أن الأمر نادرًا ما يحدث، ولا يحدث إلا في حالات محدودة جدًا. متى حدث ذلك؟ كان ذلك فقط لأنواع معينة من الحالات، حيث قد لا تكون هناك طريقة أخرى لمعرفة ذلك. في حالة القبر الفارغ، قد يكون السؤال حول كون الشخص ميتًا أم لا، حيث تشهد النساء بأن يسوع حي. وقد يكون هذا هو الباب الذي يمكن أن يُطرح فيه هذا المشهد كشهادة عامة. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا التأهيل، تبقى النقطة الأكبر. من غير المرجح أن يؤدي حدث ملفق إلى إنشاء قصة باستخدام مجموعة من الشهود من الدرجة الثانية لتوضيح فكرة مثيرة للجدل.

قد تكون القائمة التقليدية للظهورات في 1 كورنثوس 15 من الأدلة المثيرة للاهتمام التي تدعم هذه الحقيقة. لم تذكر النساء على الإطلاق. بالطبع، هذه القائمة تتحدث عن الأشخاص الذين ظهر لهم يسوع، وليس عن شهود القبر الفارغ. لا تزال هذه القائمة لا تشير إلى الظهور لمريم المجدلية الذي يصفه يوحنا 20. قائمة كورنثوس الأولى 15 تقتصر على الرجال، مع استثناء محتمل فقط لذكر الخمسمائة الذين قد يكونون من الرجال والنساء.

لذا فإن ملاحظتنا الموجزة عن النساء كشهود تظهر أنه في السياق اليهودي، كن في أفضل الأحوال شهودًا من الدرجة الثانية. يمكنك أن تطلب منهن تأكيد أشياء معينة مرتبطة بقضايا الحالة الجنسية. يمكنك أيضًا أن تطالبهن ببعض الحقائق، مثل وفاة شخص ما. يمكنك استدعائهن عندما لا يكون هناك خيار آخر. عندما يكون هناك شهود ذكور، فإنهن غير ضروريين. قد يؤدي التأييد من طرفهن كأحد الوالدين أو النخبة أيضًا إلى استثناءات أخرى.

في روايات الأناجيل، النساء هن الشاهدات الوحيدات على الإدراك الأولي للقبر الفارغ. وحدهن يسمعن إعلانًا ملائكيًا بأن الله قد أقام يسوع من بين الأموات. لا يوجد سبب لتوقع وصول قصة ملفقة إلى هذا الحد ما لم تحدث بهذه الطريقة. يُظهر التقليد اهتمامًا معينًا بكيفية تقديم التسلسل الذي يتعارض مع العادات الثقافية. وبما أننا لسنا في بيئة تُدفَع في اتجاه نسويّ (كأن يكون واقعًا حديثًا وليس قديمًا)، فلا يوجد سبب للاعتقاد بأن مثل هذا التقليد كان يهدف إلى توضيح نقطة ما حول النساء وأن مثل هذا الهدف وحده يمكن أن يفسر وجود مثب هذا التقليد. والمقصود أن دور المرأة في هذه القصة موجود لأنه كان جزءًا من الرواية المرتبطة بالحدث منذ البداية، وليس بتلفيق لاحق. إن القصة الملفقة عن القبر الفارغ سيكون لها طابع مختلف تمامًا، نظرًا للعقبات الثقافية الموجودة بالفعل في ادعاء القيامة. النساء موجودات في القصة لأنهن كن حاضرات في الحدث.

 



[1] لقد قدمت نسخة من هذه الحجة في

Darrell L. Bock and Benjamin I. Simpson, Jesus according to Scripture, 2nd ed. (Grand Rapids: Baker Academic, 2017), 503.

تعتبر روايات القيامة مصدر قلق رئيسي لعمل جاري هابرماس، لذلك فإن هذا الموضوع يكرمه بطرق ترتبط بأعماله الهامة.

[2] Robert Gordon Maccini, Her Testimony Is True: Women as Witnesses according to John, JSNTSS 125 (Sheffield: Sheffield Academic Press, 1996), esp. 77–79, 161–71, 225–33.

[3] "«إِذَا كَانَ لِرَجُل ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لاَ يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلاَ لِقَوْلِ أُمِّهِ، وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلاَ يَسْمَعُ لَهُمَا. يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلَى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلَى بَابِ مَكَانِهِ، وَيَقُولاَنِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لاَ يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا، وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ، وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ وَيَخَافُونَ." (تث 21: 18-21).

[4] "«إِذَا اتَّخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَحِينَ دَخَلَ عَلَيْهَا أَبْغَضَهَا، وَنَسَبَ إِلَيْهَا أَسْبَابَ كَلاَمٍ، وَأَشَاعَ عَنْهَا اسْمًا رَدِيًّا، وَقَالَ: هذِهِ الْمَرْأَةُ اتَّخَذْتُهَا وَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهَا لَمْ أَجِدْ لَهَا عُذْرَةً. يَأْخُذُ الْفَتَاةَ أَبُوهَا وَأُمُّهَا وَيُخْرِجَانِ عَلاَمَةَ عُذْرَتِهَا إِلَى شُيُوخِ الْمَدِينَةِ إِلَى الْبَابِ، وَيَقُولُ أَبُو الْفَتَاةِ لِلشُّيُوخِ: أَعْطَيْتُ هذَا الرَّجُلَ ابْنَتِي زَوْجَةً فَأَبْغَضَهَا. وَهَا هُوَ قَدْ جَعَلَ أَسْبَابَ كَلاَمٍ قَائِلًا: لَمْ أَجِدْ لِبِنْتِكَ عُذْرَةً. وَهذِهِ عَلاَمَةُ عُذْرَةِ ابْنَتِي. وَيَبْسُطَانِ الثَّوْبَ أَمَامَ شُيُوخِ الْمَدِينَةِ. فَيَأْخُذُ شُيُوخُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ الرَّجُلَ وَيُؤَدِّبُونَهُ وَيُغْرِمُونَهُ بِمِئَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَيُعْطُونَهَا لأَبِي الْفَتَاةِ، لأَنَّهُ أَشَاعَ اسْمًا رَدِيًّا عَنْ عَذْرَاءَ مِنْ إِسْرَائِيلَ. فَتَكُونُ لَهُ زَوْجَةً. لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا كُلَّ أَيَّامِهِ. «وَلكِنْ إِنْ كَانَ هذَا الأَمْرُ صَحِيحًا، لَمْ تُوجَدْ عُذْرَةٌ لِلْفَتَاةِ. يُخْرِجُونَ الْفَتَاةَ إِلَى بَابِ بَيْتِ أَبِيهَا، وَيَرْجُمُهَا رِجَالُ مَدِينَتِهَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى تَمُوتَ، لأَنَّهَا عَمِلَتْ قَبَاحَةً فِي إِسْرَائِيلَ بِزِنَاهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ." (تث 22: 13-21).

[5] Maccini, Her Testimony Is True, 66.

تعليقات