إنجيل الطفولة لتوما ولاهوت المسيح - بارت إيرمان

إنجيل الطفولة لتوما ولاهوت المسيح - بارت إيرمان







تتناول الرواية المسماة "إنجيل الطفولة لتوما" حياة يسوع في صغره (يجب عدم الخلط بينه وبين إنجيل توما القبطي المكتشف قرب نجع حمادي). ويُرجع بعض العلماء تاريخ هذا الكتاب إلى أوائل القرن الثاني، مما يجعله من أقدم الأناجيل التي وصلت إلينا من خارج العهد الجديد. تُقدم لنا القصص الواردة في هذه الرواية روايات شيقة عن أنشطة يسوع منذ صغره. ويكمن وراء هذه الرواية سؤالٌ يُحيّر بعض المسيحيين حتى اليوم: "إذا كان يسوع ابن الله صانع المعجزات في شبابه، فكيف كان في طفولته؟" واتضح أنه كان أكثر من مجرد فتى شقي.

تبدأ القصة بمشهد يسوع وهو طفل في الخامسة من عمره، يلعب بجانب جدول في يوم السبت. ويجمع بعض الماء الموحل عن طريق عمل سد صغير، ثم يأمر الماء أن يكون نقيًّا، فيصبح نقيًا على الفور. ثم يصنع يسوع بعض العصافير الطينية على شاطئ الجدول. لكن يمر رجل يهودي ويرى ما فعله - لقد صنع شيئًا وبالتالي خالف ناموس السبت (عدم العمل). فيركض الرجل ليخبر يوسف، والده. ويأتي يوسف ويوبخ يسوع على تدنيس السبت. ولكن بدلاً من الاعتذار أو التوبة عن ارتكاب الخطيئة، يُصفِّق الطفل يسوع بيديه ويأمر العصافير بالرحيل. تعود العصافير إلى الحياة وتطير بعيدًا وهي تغرد - فتدمر بذلك أي دليل على سوء التصرف (إنجيل توما الأصحاح 2). إن يسوع، منذ أن كان طفلاً صغيراً، وهو صانع الحياة وليس ملزماً بالقواعد والأنظمة البشرية.

كان من المتوقع أن يكون يسوع، بفضل قواه الخارقة للطبيعة، رفيقًا مفيدًا ومسليًا للأطفال الآخرين في المدينة. لكن اتضح أن الصبي سريع الغضب ولا ينبغي أن نُغضِبَه. يقرر طفل كان يلعب معه أن يأخذ فرع شجرة الصفصاف لينثر الماء النقي الذي جمعه يسوع. هذا أغضب يسوع الصغير، فصرخ قائلًا: "يا أيها الأحمق الظالم! ماذا فعلت لك برك الماء؟ ها أنت الآن أيضًا ستذبل كشجرة، لن يكون لك أوراق ولا جذر ولا ثمر." وكلمة يسوع نقية كالذهب: "في الحال ذبل ذلك الطفل تمامًا" (إنجيل توما 3: 1-3). يعود يسوع إلى بيته، ولكن "والدي الطفل اليابس حملوه حزناً على شبابه الضائع". ثم ذهبا إلى يوسف ليحتجا: "أي طفل لديك يفعل مثل هذه الأشياء؟" (إنجيل توما 3: 3). الجواب واضح للقارئ: لدى يوسف طفل خارق للطبيعة، طفل لم يتعلم بعد ضبط غضبه.

ويظهر هذا مرة أخرى في الرواية التالية: عندما يصطدم به طفل آخر عن طريق الخطأ في الشارع، يتحول يسوع في غضب ويعلن، "لن تذهب أبعد في طريقك". فيسقط الطفل ميتًا (إنجيل توما 4: 1). (ثم أقامه يسوع من بين الأموات لاحقًا، مع آخرين لعنهم في مناسبة أو أخرى). ولم يقتصر غضب يسوع على الأطفال الآخرين فحسب. أرسله يوسف إلى المدرسة ليتعلم القراءة، لكن يسوع رفض تلاوة الحروف الأبجدية. فيتوسل إليه معلمه أن يتعاون، حتى يرد عليه يسوع بتحدٍ ساخر: "إذا كنت معلمًا حقًا وتعرف الحروف جيدًا، فأخبرني بقوة حرف الألفا وسأخبرك بقوة حرف البيتا". ينزعج المعلم قليلاً، فيقوم بضرب الصبي على رأسه، وكان هذا أكبر خطأ ارتكبه معلم في حياته المهنية المرموقة. يُميته يسوع على الفور. فيحزن يوسف بشدة ويأمر أم يسوع على وجه السرعة: "لا تدعيه يخرج إلى الخارج. كل من يُغضِبَه يموت" (إنجيل توما 14: 1-3).

في مرحلة ما من الرواية، كانت سمعة يسوع سبباً في إلقاء اللوم عليه كلما حدث أي خطأ. كان يلعب على سطح منزل مع مجموعة من الأطفال، وتعثر أحدهم، وهو فتى يُدعى زينون، عن طريق الخطأ، وسقط من السطح ومات. يخاف الأطفال الآخرون ويهربون؛ لكن يسوع يذهب إلى جانب السطح لينظر إلى الأسفل. ويصل والدا زينون إلى مكان الحادث، فماذا يفكران؟ هناك طفلهم، ميتًا على الأرض، ويسوع واقفًا على السطح فوقه. يعتقدان أن هذا الطفل الموهوب بشكل خارق قد عاد إلى حيله مرة أخرى. يتهمان يسوع بقتل طفلهما، ولكن هذه المرة هو بريء! فقفز من السطح، وهبط بجانب الطفل، وخاطبه: "زينون! قم وقل لي: هل أنا من أسقطك؟" قام الصبي من بين الأموات وقال: "لا يا رب! لم تُسقطني، بل أنت من أقمتني!" (إنجيل توما 9: 1-3).

ومع مرور الوقت، بدأ يسوع باستخدام قواه من أجل الخير. أنقذ أخاه من لدغة أفعى قاتلة، وشفى المرضى، وأعاد الصحة والحياة لكل من سبق أن قتله. وأثبت براعته اللافتة في المنزل وفي ورشة النجارة: عندما أخطأ يوسف في قطع لوح خشبي، وكاد أن يفقد زبونًا مهمًا، كان يسوع حاضرًا ليصحح أخطائه بطريقة معجزية. تُختتم الرواية بيسوع وهو في الثانية عشرة من عمره في الهيكل، محاطًا بالكتبة والفريسيين، وهي قصة مألوفة لقراء العهد الجديد، كما وردت في الإصحاح الثاني من إنجيل لوقا.

على الرغم من غرابة هذا الإنجيل، إلا أنه لا يُمثل بوضوح محاولةً من مسيحيٍّ مبكرٍ لتقديم ما قد نعتبره سردًا تاريخيًا دقيقًا لحياة يسوع الطفل. من الصعب معرفة ما إذا كانت القصص الواردة هنا قد أُخذت حرفيًا على أنها أحداثٌ حدثت ليسوع الطفل، أم أنها كانت مجرد نزواتٍ خيالية. في كلتا الحالتين، ليس يسوع المُصوَّر هنا مجرد إنسان؛ إنه طفل خارق للطبيعة.


__________________________________________

Bart D. Ehrman, Truth and Fiction in The Da Vinci Code: A Historian Reveals What We Really Know about Jesus, Mary Magdalene, and Constantine (Oxford University Press, 2004), 50-52.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دليلك لقانون الإيمان النيقاوي القسطنطيني من العهد الجديد وكتابات الآباء الرسوليين _ إعداد فريق يسوع عبر التاريخ

كتاب تاريخ يسوع _ القضية التاريخية لوجوده وصلبه وقيامته (إعداد مينا مكرم)